السلام عليكم .الجزء الاول .
تمر علينا ذكرى وفاة الشيخ محمد الغزالي
، ومتغيرات كثيرة أصابت واقعنا العربي والإسلامي إنْ على المستوى الدعوي أو الفكري أو أحوال المسلمين؛ حيث كان له فيها صولات وجولات. وكم افتقدنا في هذه الأحوال نظراته الثاقبة للأحداث وقلمه الناقد السيال وفكره الرصين، وحماسه المشتعل في أن يرى موقعًا أفضل لهذه الأمة بين الأمم. وهو الذي أمضى حياته وفيًّا لدينه وهويته وذابًّا عنه في أكلح معاركه، حتى وافاه أجله في التاسع من شهر مارس 1996 حيث انقطع الشيخ محمد الغزالي عن الحياة، لكن أثره لا يزال باقيًا، وأفكاره لا تزال تغذي الأجيال من بعده، وتلهب حماسها للدعوة والعطاء لدين الله.
لقد كان الغزالي أبرز الوجوه في ساحة الفكر الإسلامي في وقته فقد قال عنه الدكتور عبد الصبور شاهين حين قدم خطبه: "والحق أن كتابًا يوضع على غلافه اسم الأستاذ الغزالي لا يحتاج إلى تقديم، فحسبه في تقديري أن يتوّج
بهذا العَلَم الخفاق وقد قرأت الدنيا له عشرات الكتب في الإسلام ودعوته، وتلقّت عنه ما لم تتلق عن أحد من معاصريه، حتى إن عصرنا هذا يمكن أن يطلق عليه في مجال الدعوة عصر الغزالي".
لقد كان - رحمه الله- مدرسة وصاحب رسالة يقف كالطود الشامخ بين دعاة الإصلاح.. متعدد المواهب والملكات، ويعمل على جميع الواجهات؛ فهو الخطيب المؤثر، والمؤلف البارع، والمجاهد الصادق، والمناضل الثائر، والأديب المبدع، والشاعر المرهف الحس. وخلاصة القول إنه توافرت له من ملكات الإصلاح ما تفرّق عند غيره، واجتمع فيه من مقوّمات البناء ما جعله مدرسة خاصة لها تلامذتها ومميزاتها.
كان لعمق فكره وفهمه للإسلام أن اتسعت دائرة عمله وتعدّدت واجهات جهاده، فشملت مؤلفاته التي تربو على الخمسين: محاربة الاستبداد و تجديد الفقه السياسي، و الردّ على خصوم الإسلام، و ترشيد الصحوة الإسلامية، و التاريخ و التفسير و الحديث و التصوف و العقيدة. بل إن بعض مؤلفاته أحدثت دويًّا هائلاً بين مؤيديه و خصومه، خاصة كتابه: "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث"، مما جرّ عليه معارك فكرية دافع فيها عن رأيه بكل ما أوتي من قوة الفكر ورجاحة العقل.
كتب عنه الشيخ يوسف القرضاوي وهو من أبرز تلاميذه كتاب "الغزالي كما عرفته" يقول في نهايته: "والحق أن هذه الدراسة أثبتت أنها أمام قائد كبير من قادة الفكر والتوجيه، وإمام فذٍّ من أئمة الفكر و الدعوة والتجديد، بل نحن أمام مدرسة متكاملة متميزة من مدارس الدعوة والفكر والإصلاح".
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]